للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فائدة)

استدل سيف الدين، والقاضي عبد الوهاب بقوله صلى الله عليه وسلم في قصة الربيع لما كسرت سن صبية فقال: (كتاب الله القصاص)، وأشار إلى قوله تعالى: {والسن بالسن} [المائدة: ٤٥]، وذلك مما اخبر الله تعالى انه في التوراة، فتعين أن ما ثبت أنه من التوراة، يكون شرعًا لنا، فإنه ليس في القرآن ذلك إنشاء، بل حكاية عن التوراة، وأجاب سيف الدين بأن الإشارة إنما وقعت لقوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة: ١٩٤]، وأجاب القاضي بأن الإشارة إلى قوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة} [البقرة: ١٧٩].

قلت: وجواب سيف الدين أسدّ؛ فإن الحياة إنما تحصل من القصاص في النفوس دون الاعضاء، هذا هو السابق للذهن، ويجوز أن يراد حياة الأعضاء؛ فإن كل عضو، إذا قطع، مات، وإذا شرع القصاص حفظت عليه حياته، وفي الجوابين نظر، بسبب أن الاستدلال بالأخص بالقصة أرجح من الاستدلال بالأعم، فالاستدلال بآية الزنا على الزنا أرجح من الاستدلال بقوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} [الزلزلة: ٨] ونحوه، وآية السن أخص بالواقعة من آية الإعتداء، وآية القصاص، فيكون استدلال الخصم مقدمًا على الجواب عنه، ويجوز أن يقال، بل الجواب أرجح؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>