والجواب: قد بينا أن أحكام الله تعالى مشروعة لأجل المصالح، فأما الوجوه العقلية التي ذكرتموها: فهي لو صحت، لقدحت في التكليف، والكلام في القياس نفيًا وإثباتًا فرع على القول بالتكليف؛ فكانت تلك الوجوه غير مسموعة في هذا المقام.
وهذا هو الجواب المعتمد الكافي في هذا المقام عن كل ما ذكرتموه وأما الفرقان اللذان ذكرتموهما بين الشاهد والغائب، فذلك إنما يقدح في قول من يقول: يجب عقلًا تعليل أحكام الله تعالى بالمصالح.
أما من يقول: إن ذلك غير واجب؛ ولكنه تعالى فعله على هذا الوجه تفضلًا وإحسانًا، فذلك الفرق لا يقدح في قوله، وأما المعارضات الثلاث الأخيرة، فهي منقوضة بكون أفعالنا معللة بالدواعي والأعراض؛ مع أن جميع ما ذكروه قائم فيها.
المسألة الثالثة
المناسبة لا تبطل بالمعارضة
قال القرافي: قوله: (إن كانت إحدى المناسبتين أقوى لا يلزم التفاسد؛ لأنا بينا عدم المنافاة):
قلنا: بينتم عدم المنافاة في المتساويين، فلقائل أن يقول: ذلك لعدم المساواة وعدم الأولية.