ومتباينة بخصوصياتها؛ وما به الاشتراك غير ما به الامتياز، فما به يمتاز كل واحد من أنواع الحاجة عن الآخر منها لا يكون حاجة.
وإذا كان كذلك، كان التعليل بكونه حاجة يوجب سقوط تلك الزوائد عن العلية، وارتباط الحكم بمسمى الحاجة الذي هو القدر المشترك بين كل أنواعه، فإذا كان ذلك المسمى علة؛ لشرع ما يصلح أن يكون دافعًا له، لزم من هذا كون جميع الحاجات مدفوعة، ولما لم يكن كذلك، علمنا أن التعليل بالحاجة غير جائز.
وثانيها: أن تعليل أحكام الله تعالى بالمصالح يفضى إلى مخالفة الأصل، وذلك لأن العبادات التي كانت مشروعة في زمان موسى وعيسى- عليهما السلام- كانت واجبة وحسنة في تلك الأزمنة، وصارت قبيحة في هذا الزمان، فلابد وأن يكون ذلك لأنه حصل شرط في ذلك الزمان، لم يحصل الآن، أو وجد الآن مانع ما كان موجودًا في ذلك الزمان، لكن توقف المقتضى على وجود الشرط، أو تخلف حكمه؛ لأجل المانع- خلاف الأصل.
وثالثها: أن الحكم: إما أن يكون معللًا بنفس الحكمة، أو بالوصف المشتمل على الحكمة.
والأول: باطل؛ لأن الحكمة غير مضبوطة، فلا يجوز ربط الأحكام بها.
والثاني: باطل؛ لأن الوصف: إنما يكون علة للحكم؛ لاشتماله على تلك الحكمة، فيعود الأمر إلى كون الحكمة علة لعلية الوصف؛ فيعود المحذور المذكور.