للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثالثها: أن ((حصل)) يتعدى للظرف من الزمان، والظرف من المكان، فيكون هذا الكتاب محصولا فيه، ولا شك أنه كذلك؛ لأنه مكان حصل فيه العلم مسطورا لمن يقرؤه.

ورابعها: أنه يتعدّى للمفعول من أجله، فتقول: حصل له أى لأجله، فيكون هذا الكتاب حصل العلم لأجله، ولا شك أنه كذلك؛ لأن مصنفه لما أراد وضعه حصَّل، واستحضر في نفسه علما كثيرا لأجل وضعه.

فهذه وجوه أربعة، وعلى الثلاثة الأخيرة منها سؤال وهو: أن اسم المفعول متى كان له صلة من حرف جر، فلا بد وأن ينطق به معه، فلا تقول: زيد ممرور وتسكت، بل تقول: ممرور به، وكذلك مدخول عليه؛ لأن اسم المفعول في تقدير ما لم يسم فاعله، والذي يقام مقام الفاعل هو ذلك المضمر المجرور فلا يجوز حذفه، وقد جوزوه لقوله تعالى: {إن العهد كان مسؤولا}، وقوله: {في ليلة مباركة} أى فيها، وقوله تعالى: {شجرة مباركة} أى فيها، فإن (بارك) لا يتعدى إلا بحرف جر.

وأجابوا عن قول الأولين بأن حرف الجر حذف على السعة، فاستتر الضمير في الصفة كما حذف في قوله تعالى: {افعل ما تؤمر} و {اصدع بما تُؤمر} حذف حرف الجر فصار تؤمر، ثم حذف وهو منصوب؛ لأن المجرور لا يحذف على الصحيح لما فيه من حذف كلمتين، وقيل: حذفا معا، كذلك حذف حرف الجر هاهنا، ويؤكده إجماع النحاة على قولهم: جار ومجرور، وهو مجرور إليه أى: انجر له المصدر بالحرف، فإذا قلت: مررت بزيد انجرَّ المرور لزيد بالباء، ومع ذلك لم يقولوا: مجرور إليه، بل سكتوا عن إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>