وهو أن العقل أدرك أن الأرض لا تفعل شيئا، وإنما الفاعل هو الله تعالى، فحقيقة الفعل لم توجد من الأرض، فسمته مجازا عقليا، لأنه ليس فيه إلا العقل فينسب إليه، وحيث نسب الفعل لفاعله حقيقة، كقولنا: خلق الله- تعالى- العالم، نسميه حقيقة عقلية؛ لأنها مدركة بالعقل، فهذا هو تحرير قوله: المجاز المركب عقلي.
فإن قلت:(فإذا قلنا: خنفشار، وأردنا الحصير ليس هو من موضوعات العرب، فهو مهمل كالمركبات عند هذا القائل، فلم لم نسمه مجازا عقليا؟
قلت: نسبة الأفعال لمستحقها والمؤثر فيها، ولغير المؤثر فيها يدركه العقل، وهو من أحكامه التي يقدر أن يستقل بها وجوبا واستحالة.
وأما إطلاق اللفظ المهمل المفرد على محل معين، فهو يجوز أن يكون اسما له، وأن يطلق عليه، وألا يكون شيء من ذلك، فالعلم بذلك إنما يحصل من أمر غير العقل؛ لأن حظ العقل فيه التجويز ليس إلا، ولا يحكم بوجوب، ولا استحالة، ولا يعين شيئا من ذلك، بخلاف نسبة الأفعال يوجبها الله- تعالى- ويحيلها على غيره، فلما كان العقل يستقل بها نسبت هذه المركبات له، بخلاف اللفظ المفرد.
(قاعدة)
وضعت العرب الأفعال حقيقة في استعمالها، وقد تستعمل مع الفاعل حقيقة، نحو: خلق الله ورزق، وفي الفاعل نسبا، وعادة لا حقيقة نحو: قتل زيد عمرا، وما لم يفعل حقيقة ولا نسبا نحو: برد الماء، وسقط الحائط، ومات زيد، وتحركت الريح.
إذا تقررت هذه القاعدة، وأن ليس من شرط نسبة الفعل حقيقة، أن يكون الفاعل فاعلا مؤثرا مخرجا من] العدم [إلى الوجود.