للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقريره: من المثال الذي ذكره أن الله - تعالى - إذا خلق الناس على مزاج يعلم منهم أنه يقتضي منهم الميل إلى الخلق، وأنه مصلحتهم، فإن ميلهم للخلق، وفعلهم له يقع أكثر باقتصار فوت المصلحة اتفاقًا في الأكثر؛ لأن السبب معلوم الوقوع في جميع جهات العالم، وهو مزاجهم الخاص المقتضى لطلب الخلق، وفعله.

أما إذا خص السبب ببعض الجهات، أو ببعض الأشخاص، فإنه لا يعم؛ فلا يكون أكثريا، وهو الاتفاق الواقع في العالم، كمن يمشي في جبل، فيجد كنزًا اتفاقًا؛ فإن السبب الباعث لذلك الشخص الماشي في ذلك المكان لا يعم أكثر الناس، بل قد لا يوجد إلا فيه.

(فائدة)

قال أبو يعلى الحنبلي في (العمدة): هذه المسألة مبنية على أنه - عليه السلام - هل له أن يجتهد أم لا؟

فإذا قلنا: له الاجتهاد، فهل له أن يختار ما يخطر بباله من غير مدرك، ويكون صوابًا؛ لأن الله - تعالى - أخبره بذلك، أم لا؟

قال: ومذهبنا جوازه.

قال ابن برهان الشافعي في كتاب (الأوسط): (مذهبنا جواز هذه المسألة ووقوعها، وهو خلاف ما نقل المصنف عن الشافعي من التوقف في الجواز.

وقال أبو الخطاب الحنبلي في (التمهيد): (المنقول عن الشافعي في (الرسالة) أنه لما علم الله - تعالى - من نبيه - عليه السلام - أن الصواب يتفق منه جعل ذلك إليه، ولم يقطع به.

بل جوزه، وجوز غيره.

وقال بعض المحققين من أصحابه لا يصح ذلك عن الشافعين وقوله في (الرسالة) مؤول بجواز الاجتهاد لا بهذه المسألة.

**************

<<  <  ج: ص:  >  >>