تقريره: أن الإجماع منعقد على التخيير، والإجماع معصوم لا يقول إلا حقا، فإذا أخبر أن الله تعالى خير فيها كان التخيير واقعا في نفس الأمر والمقدر وقوع التعيين في نفس الأمر، فيجتمع التعيين وعدم التعيين الناشئ عن التخيير في نفس الامر، فيجتمع النققيضان.
(قاعدة)
متعلق التكليف أبدا أعم من متعلق الحكم في حق المطيع، ونقيضه في حق العاصي.
أما الأول: فلأن الله تعالى أوجب الظهر مثلا والمكلفون يفعلونه في بقاع مخصوصة في هيئات مخصوصة، فذاك الواقع أبدا لم يوجبه الله تعالى بما هو ذلك الخاص، بل الواجب على جميع الخلق إنما هو الظهو من حيث هو ظهر، المشترك بين جميع صلواتهم التي صلوها، يعنون بها الظهر، فالواقع من كل إنسان يعلم الله تعالى أنه أخص مما أوجب عليه؛ لأنه تعالى أوجب الظهر وهذا ظهر بقيوده، والمقيد أخص من الحقيقة من حيث هي هي، فمتعلق العلم أبدا أخص من متعلق التكليف، وكذلك نقول في جميع الأفعال المكلف بها، فتأمل ذلك، ويظهر لك به أن الله تعالى ما كلف في الشرائع إلا بكلى لا يجري بالشخص، وإن كان جزئيا بالنوع [أخص منه دائما الواجب المعين فكيف؟] ويظهر لك أيضا بطلان قولهم: إن الواجب هو ما علم الله تعالى أنه سيوقعه، بل الواقع أخص منه دائما في الواجب المعين، فكيف في المخير؟
وأما في املعاصي: فمتعلق الأمر هو الفعل الواجب، ومتعلق العلم هو نقيض الواجب؛ لأنه عدمه وتركه، فليس بين متعلق العلم ومتعلق التكليف أبدا مطابقة، بل المباينة دائما إما بالخصوص والعموم، وإما بالتناقض.