وهو أن تضع قبيلة اسما لشيء، وقبيلة أخرى ذلك الاسم لشيء آخر، ثم يشيع الوضعان، ويخفى كونه موضوعا للمعنيين من جهة القبيلتين.
وأما الوقوع، فمن الناس من قال: إن كل ما يظن مشتركا، فهو إما أن يكون متواطئا، أو يكون حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر؛ كالعين، فإنه وضع أولا للجارحة المخصوصة، ثم نقل إلى الدينار؛ لأنه في الغرة والصفاء كتلك الجارحة، وإلى الشمس؛ لأنها في الصفاء والضياء كتلك الجارحة، وإلى الماء؛ لوجود المعنيين فيه. وعندنا أن كل ذلك ممكن؛ والأغلب على الظن وقوع المشترك.
والدليل عليه: أنا إذا سمعنا (القراء) لم نفهم أحد المعنيين من غير تعيين، بل بقي الذهن مترددا، ولو كان اللفظ متواطئا، أو حقيقة في أحدهما، مجازا في الآخر، لما كان كذلك.
فإن قلت: لم لا يجوز أن يقال: كان حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر، ثم خفي ذلك؟!
قلت: أحكام اللغات لا تنتهي إلى القطع المانع من الاحتمالات البعيدة، وما ذكرتموه لا ينفي كونه حقيقة فيهما الآن، وهو المقصود، والله أعلم.
[المسألة الثانية: في أقسام اللفظ المشترك]
المفهومان: إما أن يكونا متباينين؛ كالطهر والحيض المسميين بالقراء/ أو لا يكونا متباينين، بل يكون بينهما تعلق، وحينئذ لا يخلو إما أن يكون أحدهما جزءا من الآخر، أو لا يكون.