للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخارجي، بقيد التشخص الخارجي، فهذا تحرير الفرقين بين المعاني الثلاثة فتأمله.

فإذا قلت: إذا كان مسمى علم الجنس صورة ذهنية مشخصة، فكيف انطبقت على ما لا يتناهى من الجزئيات؛ فإن الجزئي لا ينطبق على كثيرين بالضرورة.

قلت: هذه الصورة الجزئية لما أخذت في الذهن أخذت بقيد كونها المشترك بين تلك الأشخاص الكثيرة، فلذلك انطبق عليها كل مشترك بين أشياء ينطبق عليها، فكانت هذه الصورة كلية من هذا الوجه، وجزئية من حيث أخذها بقيد الشخص.

(تنبيه)

ينبغي أن يتفطن لهذه المباحث لمعنى قول النحاة: إن أجمع وجمعاء وغدوة وبكرة إذا قصد بها زمن معين أنها معارف مع صدقها على ما لا يتناهى، من ذلك النوع أن الواضع وضع لتلك الحقائق بقيد التشخص الذهني، فهي أعلام أجناس، فلذلك امتنع صرفها، وإلا إذا قيل لك: كيف تصير النكرة معرفة بالقصد؟ مع أنه لا يكاد يطلق يقول: رأيت رجلا، أو اشتريت عبدا، أو أنفقت مالأ، ونحو ذلك إلا ويريد في نفسه معنى من ذلك الجنس واللفظ نكرة إجماعا، فكيف صارت غدوة وبكرة معرفة في اللفظ بمجرد القصد، فلا جواب إلا أن يرجع إلى المباحث المتقدمة.

فنقول: العرب وضعت لفظ نكرة وضعين:

أحدهما: لمطلق نكرة، فهذا اسم جنس نكرة.

والوضع الثاني: لنكرة بقيد تشخصها بزمان معين في مطلق ذلك التعين، وأخذت معه الشخص الذهني، فكان هذا الوضع علم جنس، فإنها لو اقتصرت على تعين النكرة الذي هو قدر مشترك بين سائر المعينات كان نكرة أيضا: لأن إضافة الكلى يحصل المجموع كليا، فيصير نكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>