للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظير (ما) و (الذي) في مواردهما على شيء واحد؛ كترادف (الإنسان) و (الحيوان) على الرجال والنساء يقال لكل واحد منهما: إنسان وحيوان، ويعبر عنه بكلا اللفظين، ولا ترادف بينهما.

ولفظ (الذي) كلفظ (الحيوان) موضوع للأعم، ولفظ (من) كلفظ (الإنسان) موضوع للأخص، ولفظ (ما) موضوع للنوع الآخر الذي هو غير الناطق فـ (ما) و (من) و (الذي) متباينة؛ كالحيوان، والإنسان، وغير الناطق، وإن كانت (من) تستعمل بمعنى (الذي) و (ما) بمعنى (الذي) كما يستعمل الإنسان بمعنى يصدق عليه لفظ الحيوان، ولفظ الفرس؛ مع أن الحيوان والإنسان والفرس متباينة.

فتأمل هذا المكان؛ فكثير من النحاة اغتر به، ويقول: (ما) تكون بمعنى (الذي)، و (الذي) موضوع للعقلاء، فـ (ما) موضوع للعقلاء، ووجه الغلط في هذا الإنتاج من جهة المنطق، وصناعته في البراهين جاء من جهة أن هذا الدليل مركب من الشكل الأول، ومن شرطه أن يكون كبراه كلية، وهي هاهنا جزئية؛ لأن تقدير الكلام والتركيب في الدليل مدلول (ما) مدلول (الذي)، وبعض مدلول (الذي) عقلاء، ولو صرح بهذا منعناه صحة المقدمة الكبرى، لكن يقع في الكلام تلفيف، فلا يكاد يتفطن لوجه الغلط في الترادف؛ ولا في الدليل، وكلاهما باطل، كما ترى.

[(فائدة)]

قال سيف الدين: قال النبي - عليه السلام - لابن الزبعرى لما ذكر: (ما أجهلك بلغة قومك؟ أما علمت أن (ما) لما لا يعقل، و (من) لمن يعقل)

وهذا يسقط أصل الاستدلال بالآية والحديث؛ لأن اتباع النبي - عليه السلام - أولى من ابن الزبعرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>