اعلم أن هذه الأخبار التي نعلم مخبرها- باضطرار- الحجة علينا فيها هو العلم، ولا حاجة بنا إلى اعتبار حال المخبرين، بل يجب أن يعتبر السامع حال نفسه، فإذا حصل له العلم بمخبر تلك الأخبار، صار محجوبا بها، وإلا فالحجة عنه زائلة، ثم إنه بعد وقوع العلم بمخبر خبرهم، صح أن نبحث عن أحوالهم، فنقول: لو لم يكونوا على هذه الصفة لما، وقع لنا العلم بخبرهم.
واعلم أن هاهنا أمورا معتبرة في كون التواتر مفيدا للعلم، وأمورا ظن أنها معتبرة، مع أنها في الحقيقة غير معتبرة:
أما القسم الأول: فنقول: إن تلك الأمور: إما أن تكون راجعة إلى السامعين، أو إلى المخبرين: أما الأمور الراجعة إلى السامعين فأمران:
الأول: ألا يكون السامع عالما بما أخبر به اضطرارا؛ لأن تحصيل الحاصل محال، وتحصيل مثل الحاصل أيضا محال، وتحصيل التقوية أيضا محال؛ لأن العلم الضروري أيضا يستحيل أن يصير أقوى مما كان.
مثاله: إذا كان العلم حاصلا بأن النفي والإثبات، لا يجتمعان، ولا يرتفعان- لم يكن للأخبار عنه أثير في العلم به.
والثاني: قال الشريف المرتضى: يجب ألا يكون السامع قد سيق بشبهة، أو تقليد إلى اعتقاد نفي موجب الخبر، وهذا الشرط إنما اعتبره الشريف؛ لأن