قال الرازي: المسألة الأولى: قال أصحابنا: المعدوم يجوز أن يكون مأمورا، لا بمعنى أنه حال عدمه يكون مأمورا، فإنه معلوم الفساد بالضرورة؛ بل بمعنى أنه يجوز أن يكون الأمر موجوداً في الحال، ثم إن الشخص الذي سيوجد بعد ذلك يصير مأمورا بذلك الأمر، وأما سائر الفرق، فقد أنكروه.
لنا: أن الواحد منا، حال وجوده، يصير مأمورا بأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع أن ذلك الأمر ما كان موجوداً إلا حال عدمنا.
وكذلك لا يبعد أن يقوم بذات الأب طلب تعلم العلم من الولد الذي سيوجد، وأنه لو قدر بقاء ذلك الطلب؛ حتى وجد الولد، صار الولد مطالبا بذلك الطلب، فكذا المعنى القائم بذات الله تعالى، الذي هو اقتضاء الطاعة من العباد، معنى قديم، وأن العباد، إذا وجدوا، يصيرون مطالبين بذلك الطلب.
فإن قيل: أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير لازم على أحد، بل هو عليه الصلاة والسلام أخبر أن الله تعالى يأمر كل واحد من المكلفين عند وجوده، فيصير ذلك إخبارا عن أن الله تعالى سيأمرهم عند وجودهم، لا أن الأمر حصل عند عدم المأمور.
سلمنا أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم واجب الطاعة، ولكن وجد هناك في الحال من سمع ذلك الأمر، وبلغه إلينا، أما في الأزل، فلم يوجد أحد يسمع ذلك الأمر، وينقله إلينا، فكان ذلك الأمر عبثا.