قال الرازي: تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي لا يتوقف على بيان ثبوت المقتضي لذلك الحكم، وهذه المسألة من تفاريع جواز تخصيص العلة؛ فإنا إذا أنكرناه، امتنع الجمع بين المقتضي والمانع، أما إذا جوزناه، جاء هذا البحث.
والحق أنه غير معتبر لدليلين.
الأول: أن الوصف الوجودي إذا كان مناسبا للحكم العدمي، أو كان دائرا معه وجودا وعدما، حصل ظن أن ذلك الوصف علة لذلك العدم، والظن حجة.
الثاني: أن بين المقتضي والمانع معاندة ومضادة، والشيء لا يتقوى بضده؛ بل يضعف به، وإذا جاز التعليل بالمانع حال ضعفه، فلأن يجوز ذلك حال قوته، وهو حال عدم المقتضي، كان أولى.
واحتج المخالف بأمور:
أحدها: أنا إذا عللنا انتقاء الحكم بالمانع، فالمعلل: إما عدم مستمر، أو عدم متجدد:
والأول باطل؛ لأن العدم المستمر كان حاصلا قبل حصول هذا المانع، بل قبل الشرع، والحاصل قبل يمتنع تعليله بالحاصل بعد.
والثاني: تسليم المقصود؛ لأن عدم الحكم لا يحصل فيه التجدد إلا إذا امتنع من الدخول في الوجود بعد أن كان بعرضية الدخول في الوجود، وذلك لا يتحقق إلا عند قيام المقتضي.