وأما أنه يجوز استعماله في حق الواحد؛ على سبيل التعظيم؛ فلقوله تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر}[الحجر: ٩]ــ وقوله: {فقدرنا فنعم القادرون}[المرسلات: ٢٣].
المسألة الخامسة
في الغاية التى يجوز إليها التخصيص
قال القرافي:" اتفقوا فى الاستفهام والشرط؛ أنه يجوز تخصيصه الى الواحد ":
مثاله:" من دخل داري، فأكرمه ".
والاستفهام: من فى الدار؟ وكذلك: ما رأى؟ وسبب اتفاقهم في هذا؛ على جواز التخصيص إلى الواحد: أن لفظه مفرد، والعرب تعامله معاملة المفرد فى عود الضمير عليه مفرداً، وإن أريد العموم؛ لقوله تعالى:{ومن يعش عن ذكر الرحمن}[الزخرف: ٣٦]. ولم يقل: يعشون، وهو كثير، ولا تقول العرب:" المشركون اقتله، بل اقتلهم" وكذلك لما كان لفظه مفردًا، جوزوا تخصيصه للمفرد؛ نظراً للفظه، ومعاملة العرب له في الضمائر والنعوت وغير ذلك، فكذلك تعامله في التخصيص؛ لأنه حكم من أحكامه اللغوية، فهذا هو الفرق بينه، وبين صيغ العموم في الجموع، ومنهم من جوزه في الجمع أيضاً؛ لأن الموجب للقبح: إنما هو المعنى دون اللفظ، والمعنى العام والكثرة التي هي غير متناهية موجودة فى لفظ " من " وما منع ذلك من التخصيص للواحد، فكذلك الجمع؛ لاشتراكهما في معنى العموم.
وأما أن المعنى هو الموجب لقبح تخصيص العموم بالواحد؛ فلأنه قد أعاده الشافعية والمالكية على أبي حنيفة ــ رحمة الله عليهم أجمعين ــ في