للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(سؤال)

من شرط الواجب: أن يكون مطابقا، مساويا للمسئول عنه، ونحن في الجواب عن الاستفهام، نقول: من في الدار؟ تقول: (زيد) ويكون زيد جوابا تاما بالإجماع؛ مع أنه ليس مساويا للعموم، ولا لبعضه، ولا قريبا منه، فكيف الجمع بين قولنا: " الصيغة للعموم "، والجواب يريد وحده مطابق جوابه.

أما أن الصيغة للعموم، فليس معناه أن الكون في الدار حصل لكل فرد من المستفهم عنه؛ بل العموم جاء من جهة أن الاستفهام شمل جميع الأفراد، التي يمكن أن تكون في الدار؛ فلما قال: من في الدار؟ فمعناه صور لي حقيقة من في الدار، واستفهامي هذا عام في جميع الأفراد الممكنة للكون في الدار؛ لا أترك أحدا منها، إلا وانا مستفهم عنه، كان في الدار أو لم يكن، فالعموم إنما جاء من جهة شمول الاستفهام، لا من جهة الكون في الدار، فقد لا يكون في الدار أحد ألبتة، ويكون الجواب: ليس فيها أحد؛ مع أن الكلام للعموم في تلك الحالة أيضا؛ فظهر مدرك العموم.

وأما صحة الجواب: يريد: إنما هو مطابق للواقع من المستفهم عنه، لا مطابق للمستفهم عنه.

قلنا: مستفهم عنه وقع فيه عموم الاستفهام، ولنا واقع من ذلك المستفهم عنه، إن كان وقع شيء من ذلك به؛ بحسب مزيد تطابق للواقع من المستفهم لا للمستفهم عنه، فافهم ذلك، فهو دقيق.

ونظيره في الأوامر: لو قال الله تعالى: {فاقتلوا المشركين} [التوبه: ٥] فلم نجد إلا زيدا مشركا، قتلناه وحده، خرجنا به عن العهدة؛ مع أنه ليس مطابقا للعموم، ما ذلك إلا أن عموم الصيغة باعتبار شمول القتل لكل فرد فرد من المشركين، إن وجد؛ فيصدق أنه لم يبق مشرك، لا وأمر بقتله، إن

<<  <  ج: ص:  >  >>