للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهمه من وضع الصيغ اللغوية، ولذلك اختلفنا في مواطن كثيرة في الشرائع، هل هي واجبة أم لا؟ مع أن عقلا ما ذلك إلا لاختلفنا في مدلولات الصيغ، ولو فرعنا على مذهب المعتزلة في الحسن والقبح لا يلزم ذلك أيضا فإن الحسن والقبح إنما يقتضي أن المصالح والمفاسد معتبرة في الأحكام، ونحو ذلك أما أنه إذا وردت صيغة لا نعلم ولا نظن أنها وضعت للوجوب نحملها على الوجوب وإن لم نعلم إلا كونها أمرا فلا، بل لا بد أن يعلم أنها للوجب، أو نعلم أن مصلحة ذلك الفعل تقتضي الوجوب أما مجرد الأمر فغير كاف.

قوله: (الجامع الذي ذكروه وصف؛ ردي)

ممنوع، بل قدمنا أن وصف الضدية اعتبرته العرب في السوية في الأحكام.

(سؤال)

قال النقشواني: الأمر للفور، لأن الشارع لو قال: (إذا جاء غد صم) اتفقنا على أن العبد المأمور بالصوم عند مجيء غد، ولا يجوز التأخير، وليس هاهنا إلا الأمر، ثم أورد على نفسه فقال: فإن قلتم: ذكر الغد تعين وقت المأمور به.

قلنا: ذكر الوقت تعين وقت نزول الأمر لا المأمور به، ومن ذهب إلى أن الصيغة لا تقتضي الفور لا يلزمه ذلك بخلاف قوله: (صم إذا جاء غد) لأنه لما قال: (صم) صار أمرا، ثم بعد ذلك عين وقت الامتثال بتعيين غد وجوابه:

أن الشرط اللغوي سبب يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم والأصل: ترتيب المسببات على أسبابها، فقد وجد ما يقتضي الفورية غير الأمر، ولا فرق عند أهل اللغة في التعليق بين (إذا جاء غد صم)، وبين (صم إذا جاء غد) في أن غدا شرط وسبب الوجود

<<  <  ج: ص:  >  >>