والدليل عليه: أن ها هنا ألفاظا وضعت لمعان، ولا شك أنها قد استعملت بعد وضعها فيها، ولا معنى الحقيقة إلا ذلك.
واحتج الجمهور عليه بأن اللفظ: إن استعمل في موضوعه الأصلي فهو الحقيقة، وإن استعمل في غير موضوعه الأصلي، كان مجازا، لكن المجاز الحقيقة، وإن استعمل في غير موضوعه الأصلي، كان مجازا، لكن المجاز فرع الحقيقة، ومتى وجد الفرع، وجد الأصل، فالحقيقة موجودة، لا محالة، وهذا ضعيف، لأن المجاز لا يستدعى إلا مجرد كونه موضوعا قبل ذلك لمعنى آخر، وستعرف أن اللفظ في الوضع الأول لا يكون حقيقة ولا مجازا، فالمجاز غير متوقف على الحقيقة.
[المسألة الثانية: في الحقيقة المعرفية]
اللفظة المعرفية هي: التي انتقلت عن مسماها إلى غيره، بعرف الاستعمال، ثم ذلك العرف قد يكون عاما، وقد يكون خاصا، ولا شك في إمكان القسمين، إنما النزاع في الوقوع فتقول:
أما القسم الأول، فالحق أن تصرفات أهل العرف منحصرة في أمرين:
أحدهما: أن يشتهر المجاز، بحيث يستنكر معه استعمال الحقيقة، ثم للمجاز جهات، كما سيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى: