وإن صدر عنه أمر، فذلك الأمر إما أن يكون هو الحكم، أو ما يوجب الحكم أولا الحكم ولا ما يوجبه.
فإن كان الأول، كان المؤثر في ذلك الحكم هوالشرع لا ذلك السبب.
وإن كان الثاني، كان المؤثر في ذلك الحكم وصفا حقيقيا، وهذا هو قول المعتزلة في الحسن والقبح، وسنبطله، إن شاء الله تعالى.
وإن كان الثالث فهو محال لأن الشارع لما أثر في شيء غير الحكم، وغير مستلزم للحكم لم يكن لذلك الشيء تعلق بالحكم أصلا.
قال القرافي: قوله: ((التقسيم الثالث ...) إلى آخره هذا القسم يسمى خطاب الوضع والإخبار.
معناه: أن الله - تعالى - شرح لأحكام الإقتضاء، والتخيير أسبابا وشروطا، وموانع، وزاد غيره التقديرات، وهي: إطاء الموجود حكم المعدود، وإعطاء المعدوم حكم الموجود، كتقدير النجاسة المعفو عنها معدومة، ويسير الضرر والجهالة وتقدير الأعيان في السلم، والديون في السلف ونحوه في الذمة مع أنها معدومة.
وقوله:((أول التقسيم قالوا)): يعني العلماء؛ لأن المعتزلة، والسنة ولاجميع قائلون بخطاب الوضع، غير أنا نفسره بالمعرف، والمعتزلة بالمؤثر.
قوله في الوجه الثاني:((إن لم تبق الحقيقة كما كانت كان ذلك إعداما لها))، ممنوع؛ لأن الشيء يصدق عليه أنه ما بقي كما كان بأن يعدم، أو بأن يزيد فلعله هاهنا بالزيادة، وهو الواقع عند الخصم، فلا يتم قوله، والشيء بعد عدمه لا يؤثر، لأنها عدمت حينئذ من جهة بقائها على ما كانت عليه، لا من جهة هلاكها في نفسها.