القياس إذا كان قائمًا في صورة الاستحسان في سائر الصور، ثم ترك العمل به في صورة الاستحسان، وبقى معمولاً به في غير تلك الصورة -فهذا هو القول بتخصيص العلة، وهو عند الشافعي وجمهور المحققين باطل، وقد تقدمت هذه المسألة؛ فظهر أن القول بالاستحسان باطل.
المسألة الثالثة
في الاستحسان
قال القرافي: قال النقشواني: أما ترتيبه كما ذكره أبو الحسين، ففيه نظر؛ لأن البراءة الأصلية ليست من وجوه الاجتهاد، ولا يعد العمل بها من العمل بالاجتهاد؛ بل يرد عليه وجوه أخر.
وهو أن قوله:(من وجوه الاجتهاد)، إما أن يندرج فيها التمسك بالنص، أو يخص بالقياس، ونحوه، فإن اندرج حسن منه ذكر هذا القيد، وهو قوله:(غير شامل شمول الألفاظ): -لكن يجب أن يقيد هذا القيد في قوله:(لوجه أقوى منه): لأن الاجتهاد إذا كان فيما يشمل النص، فمن ترك العمل بالقياس لنص يعارضه يجب أن يكون مستحسنًا، وهم لا يسمون ذلك استحسانًا.
وإن اختص الاجتهاد بغير النصوص، فقوله:(غير شامل شمول الألفاظ) يصير زائدًا في الحد.
والإشكال الثاني: هو أن هذا الحد يقتضى أن الاستحسان معمول به أبدًا، ويكون ما يعارضه -أبدًا -متروكًا؛ لأن ترك المعارض مأخوذ في الحد، فمتى انتفى واحد من هذين القيدين بطل الحد، والمحدود.
ثم ما نقله عن محمد بن المحسن يرد إشكالاً على هذا الحد؛ لأنه اشتمل على العمل بالاستحسان وعلى العمل بالمعارض، فقد انتفى فيه القيدان، ومع ذلك سماه استحسانًا.