عن التوقف المعى؛ فإنه لا دور فيه، فإذا قلت:(لا أخرج حتى يخرج زيد معي)، وقال زيد:(لا أخرج حتى يخرج عمرو معي). خرجتما معا من غير محال، بخلاف إذا قال كل واحد منكما قبل قوله، ومقدوره ليس إلا قوله: طلقت، فيكون مؤثرا في الطالقية.
(قاعدة)
متى ورد التكليف بشيء غير مكتسب تعين صرفه لسببه، أو لثمرته، ويعنى بالمكتسب ما يقدر المأمور على إيجاده أو إعدامه عادة إما متعين الوقوع، أو متعين الانتفاء لا يرد التكليف به في عادة الشرع، وان جوزنا تكليف ما لا يطاق؛ لأن الشرع لم يجزه في عوائد شرعه، فالنازل من الشاهق لا يكلف بالنزول؛ لأنه متعين الوقوع، ولا بالطلوع؛ لأنه متعين الانتفاء عادة.
مثال ما يتعين صرفه لثمرته قوله تعالى:{ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله}] النور: ٢ [. والرأفة أمر يهجم على القلب اضطرارا عند وجود سببه، فلا يمكن رفعه، فيتعين صرفه لثمرته.
قال ابن عباس- رضي الله عنه-: معنى الآية لا تنقصوا الحدود؛ لأن الإنسان إذا غلب عليه الإشفاق كان ذلك سببا لتنقيصه الحد، فهو المنهي عنه لا الرأفة التي هي الرقة والرحمة الواقعة في القلب، فإنها ضرورية للبشر، وكذلك قوله تعالى:{اجتنبوا كثيرا من الظن}] الحجرات: ١٢ [مع أن الظن يهجم عند قيام أسبابه، ولا قدرة لأحد على دفعه عن نفسه؛ فيتعين صرفه لآثاره، فإذا حصل ظن من الظن المنهي عنه، وهو الظن الناشيء من غير سبب شرعي، كأن دلت الأمارة العادية لا الشرعية على أنه زنا، لا يجوز لنا أن نقول: فلان زنا، فلا نتحدث، ولا نفسق، ولا نرتب في حقه شيئا من الأحكام والآثار التي شأنها أن تترتب في حق الزناة، فالنهي