قال الرازي: لا شك في أن النقصان من العبادة نسخ لما أسقط، ولا شك في أن ما لا تتوقف عليه صحة العبادة لا يكون نسخه نسخا للعبادة؛ كما لو قال:" أوجبت الصلاة والزكاة " ثم قال: " نسخت الزكاة ".
أما الذي تتوقف صحة العبادة عليه، فذلك قد يكون جزءا من ماهية العبادة، وقد يكون خارجا عنها، واختلفوا فيه، فقال الكرخي: نقصان ما تتوقف العبادة عليه، سواء كان جزءا، أو خارجا، لا يقتضي نسخ العبادة، وهو المختار.
وقال القاضي عبد الجبار: نقصان الجزء يقتضي نسخ الباقي، ونقصان الشرط المنفصل لا يقتضي نسخ الباقي.
فتقول: الدليل عليه: أن نسخ أحد الجزءين لا يقتضي نسخ الجزء الآخر، وذلك؛ لأن الدليل المقتضي للكل كان متناولا للجزئين، فخروج أحد الجزءين لا يقتضي خروج الجزء الآخر، كسائر أدلة التخصيص.
واحتجوا: بأن نقصان الركعة من الصلاة يقتضي رفع وجوب تأخير التشهد، ونفي إجزائها من دون الركعة؛ لأن قبل النسخ ما كان تجوز الصلاة من دون هذه الركعة.
وأيضا: إن كانت الركعة، لما نسخت، أوجبت علينا أن نخلي الصلاة منها فقد ارتفع إجزاء الصلاة، إذا فعلناها مع الركعة المنسوخة، وإجزاء الصلاة مع الركعة قد يكون حكما شرعيا؛ فجاز أن يكون رفعه نسخاً.