الأول: على قوله: (والحق التفصيل بين أنواع المعاني التي لا أسماء لها كأنواع الروائح والآلام، فلا شك أن ذاك غير حاصل فيها).
يرد عليه أن هذا ليس تفصيلا؛ لأن العلماء قالوا: إذا قام المعنى بمحل اشتق للمحل من لفظه لفظ، فما لا لفظ له لم يقل أحد بالاشتقاق منه، فهذا ليس تفصيلا لكلام الناس، ولا تفصيلا في المسألة.
الثاني: على هذا أيضا بأن نسلم صحة التفصيل، فيرد عليه قوله من باب المجاز والحقيقة: إن الرائحة حقيقة في معناها، ولم تشتق منه، فقد انتفض التفصيل، وهو أن ما له لفظ لم يشتق منه.
(تنبيه)
لم أجد الخلاف بيننا وبين المعتزلة في هذه المسألة إلا في موضع واحد وهو مسألة [قوله تعالى]: {ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل، ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما}[النساء:١٦٤]، بل كلمه بكلام قائم بذاته، وخلق له كلاما في الشجرة سمعه موسى عليه السلام، فالأول قول أصحابنا، والثاني قول المعتزلة، فقد قام الكلام بالشجرة ولم يشتق لها منه لفظ، فلم يقل الله تعالى: وكلمت الشجرة موسى، [واشتق الله تعالى فقال: وكلم الله موسى] وما عدا هذه الصورة لا نخالف فيه المعتزلة، وإذا قام البياض بثوب لا تقول المعتزلة: إنه لا يسمى أبيض، ويسمى ثوبا آخر لم يقم به البياض أبيض، ولا يقول هذا عاقل.
الثالث: على قوله القتل قائم بالمقتول، ولا يسمى قاتلا؛ لأن القتل هو المصدر، وهو قائم بالفاعل دون المفعول، بل الذي في المفعول إنما هو أثره.