قال الرازي: أعلم: أن الحكم في المقيس عليه: إما أن يكون على وفق قياس الأصول، أو على خلاف قياس الأصول، فلنذكر حكم كل واحد من هذين القسمين، ثم نذكر ما ظن أنه شرط في هذا الباب، مع أنه ليس بشرط.
القسم الأول
في شرائط الأصل، إذا كان حكمه على وفق قياس الأصول، وهي ستة:
الأول: ثبوت حكم الأصل؛ لأن القياس عبارة: عن تشبيه الفرع بالأصل في الحكم، وذلك لا يمكن إلا بعد ثبوت الحكم في الأصل.
الثاني: أن يكون الطريق إلى معرفة ذلك الحكم سمعيا، وهو ظاهر على مذهبنا: أن جميع الأحكام لا تعرف إلا بالسمع، أما على مذهب من يثبت هذه الأحكام عقلا، فقد احتجوا عليه؛ بأنه لو كان ذلك الطريق عقليا، لكانت معرفة ثبوت الحكم في الفرع عقلية، فكان القياس عقليا، لا سمعيا.
وهذا ضعيف؛ لأن ثبوت الحكم في الفرع يتوقف على ثبوت الحكم في الأصل، وعلى كون ذلك الحكم معللا بالوصف الفلاني، وعلى حصول ذلك الوصف في الفرع، فبتقدير أن تكون معرفة الأول عقلية: يحتمل أن تكون المعرفتان الباقيتان سميعتين؛ وحينئذ: لا يمكن معرفة حكم الفرع إلا بمقدمات سمعية، والمبني على السمعي سمعي فيكون ثبوت الحكم في الفرع سمعيا.