الثالث: ألا يكون طريق ثبوت الحكم في الأصل هو القياس؛ لأن العلة التي يلحق بها الأصل القريب بالأصل البعيد: إما أن تكون هي التي بها يلحق الفرع بالأصل القريب، أو غيرها:
فإن كان الأول: أمكن رد الفرع إلى الأصل البعيد، فيكون دخول الأصل القريب لغوا.
وإن كان الثاني: لزم تعليل حكم الأصل القريب بعلتين؛ وهو محال.
وأما ثانيا: فلأنه لا يمكننا إثبات الحكم في الأصل القريب إلا بأن يتوصل إليه بالعلة الموجودة في الأصل البعيد، ومتى توصلنا إلى ثبوته بتلك العلة، امتنع تعليله بالعلة الموجودة في الفرع؛ لأن تلك العلة إنما عرفت بعد أن عرف تعليل الحكم بعلة أخرى، ومتى عرف ذلك، كانت العلة الثانية عديمة الأثر؛ فيكون التعليل بها ممتنعا.
الرابع: ألا يكون الدليل الدال على حكم الأصل دالا بعينه على حكم الفرع، وإلا لم يكن جعل أحدهما أصلا، والآخر فرعا- أولى من العكس.
الخامس: لابد وأن يظهر كون ذلك الأصل معللا بوصف معتبر؛ لأن رد الفرع إليه لا يصح إلا بهذه الواسطة.
السادس: قالوا: يجب ألا يكون حكم الأصل متأخرا عن حكم الفرع؛ وهو كقياس الوضوء على التيمم في وجوب النية؛ لأن التعبد بالتيمم، إنما ورد بعد الهجرة.