قال الرازي: تعليل الحكم الشرعي جائز؛ خلافا لبعضهم.
لنا: أن الدوران يفيد ظن العلية، فإذا حصل في الحكم الشرعي، حصل ظن العلية.
واحتج المانعون: بأن قالوا: الدوران لا يفيد ظن العلية فيما لا صلاحية العلة، ولا نسلم أن الحكم الشرعي يصلح أن يكون علة للحكم الشرعي؛ وبيانه بأمور:
أحدها: أن الحكم الشرعي الذي فرض علة: يحتمل كونه متقدما على الحكم الذي جعل معلولا، ويحتمل كونه متأخرا، ويحتمل كونه مقارنا، وعلى تقدير التقدم: لم يصلح للعلية؛ وإلا يزم تخلف الحكم عن علته، وعلى تقدير التأخر: لم يصلح للعلية؛ لأن المتأخر لا يكون علة للمتقدم، وعلى تقدير المقارنة: يحتمل أن تكون العلة هو، وأن تكون غيره.
فإذن: هو على التقديرات الثلاثة؛ لا يكون علة، وعلى تقدير واحد؛ يكون علة، ولا شك أن العبرة في الشرع بالغالب، لا بالنادر؛ فوجب الحكم بأنه ليس علة.
وثانيها: أن تفسير العلة: إما بالمعرف، أو الداعي، أو المؤثر: فإن فسرناها بالمعرف، امتنع تعليل حكم الأصل بحكم آخر؛ لأن المعرف لحكم الأصل هو النص، لا غيره.