الأول: العلة قد يكون لها حكم واحد، وهو ظاهر، وقد يكون حكمها أكثر من واحد، وتلك الأحكام: إما أن تكون متماثلة، أو مختلفة غير متضادة، أو مختلفة متضادة:
فالأول إما أن يكون في ذات واحدة، أو في ذاتين:
والأول محال؛ لامتناع اجتماع المثلين، والثاني جائز، وهو: كالقتل الذي حصل بفعل زيد وعمرو؛ فإنه يوجب القصاص على كل احد منهما.
وأما الثاني: وهو أن توجب أحكاما مختلفة، غير متضادة فهو جائز؛ كتحريم الإحرام، ومس المصحف، والصوم والصلاة بالحيض.
وأما الثالث: وهو أن توجب العلة أحكاما متضادة، فلا يخلو: إما أن يتوقف إيجابها لها على شرط، أو لا يتوقف.
فإن كان الأول: فالشرطان: إما ألا يجوز اجتماعهما، أو يجوز:
فإن لم يجز، جاز أن تكون العلة موجبة لحكمين متضادين، عند حصول شرطين لا يجتمعان، وإن كان يجوز اجتماعهما، فهو محال؛ لأنهما إذا تقتضيهما جميعا؛ وهو محال، أو لا تقتضي واحدا منهما، وحينئذ تخرج العلة عن أن تكون علة، وبهذا البيان: يظهر أيضا أنه لا يجوز أن يتوقف اقتضاء العلة معلوليها المتضادين على شرط.