ثم قال في الرد على المصنف في رده على الغزالي في قوله:(دليل صدق الرسول- عليه السلام- إظهار المعجزة على يده مع استحالة ظهورها على يد الكاذب)، قال المصنف:(ليس أحد العجزين أولى من الآخر).
قال التبريزي: الأصحاب إنما ادعوا استحالة ذلك في نفسه، ولا عدم اقتدار الباري- تعالى- عليه مع إمكانه، بل امتناع وقوعه لأدائه إلى ارتفاع التمييز، وسد باب التصديق بالفعل، فلا يؤدي إلى إثبات العجز في حق الله- تعالى- ولأن تصديق الرسول من المقدورات العقلية، ويفرض خلق المعجزة على يد الكذابين يخرج عن جائزات العقول.
قلت: خلق التصديق للرسول في صدور الأمم من الأمور الممكنة التي لله- تعالى- أن يخلقها مع المعجزة، ولا مع المعجزة، فلو أراد الله- تعالى- أن يصدق رسله، ويهدى بريته من غير معجز فعل، وحينئذ لا يخرج هذا الجائز باستواء النبي، والكاذب في المعجزة، ثم قال: ودلالة المعجزة مسترسلة على كل ما يبلغه الرسول- عليه السلام- ويخبر به عن الله- تعالى- فإنه مضمون دعوى التحدي بالنبوة، وهو المقصود من ابتعاث الرسل، ولذلك لم يختلج هذا التردد في صدر أحد ممن اطمأن في تصديقه إلى دلالة المعجزة، ولولا ذلك لارتفع الإيمان، وبطلت فائدة أصل التصديق.
تنبيه)
قال سراج الدين على قول المصنف: إذا كانت قدرته- تعالى- على تصديق الرسل فرع عدم قدرته على إظهار المعجزة على يد الكاذب فلا يستدل باقتداره على تصديق الرسل على عدم قدرته على إظهار المعجزة على يد الكاذب؛ لأنه تصحيح الأصل بالفرع، وهو دور).
قال: ولقائل أن يقول: نقيض كل لازم يستدل به على نقيض ملزومه مع الفرعية المذكورة، والممكن في نفسه قد يمتنع عند وجود غيره).