أولاً: أن جعل اللفظ حقيقة في الأعم أولى؛ لأن الأعم أكثر أفرادًا، فيكون أكثر فائدة، فتعارض الفائدة فائدة المجاز على زعمه.
سؤال عليه -أيضًا -أن قوله تعالى:{خلق لكم}[البقرة: ٢٩] يقتضى اختصاص بني آدم بالمنافع والانتفاع، وذلك لا يدل على عدم الحجر.
وتقريره: أن ذلك يقتضى أن ذلك الانتفاع لا يصدر إلا متى كان مباحًا، أو محرما، فجاز أن يصدق الاختصاص بالانتفاع، ويثاب على تركه، أو ترك بعضه، أو على فعل بعضه، كما هو الواقع.
كما نقول: وطء النساء خاص ببني آدم، لم يحصل لغيرهم في الوجود، ومع ذلك هم يعاقبون على بعضه دون بعضه.
(سؤال)
على قوله:(تلك الحكمة إما عود النفع إليه، أو إلينا):
فتقول: الحكمة أعم من النفع، فجاز أن يكون ليس له، ولا لنا.
وتقريره: أن نقول: أمكن أن يقال: إن من صفات الكمال مراعاة وجود المصالح، كما يقوله المعتزلة، ومن المصلحة أن يخلق الله -تعالى -خلقًا يعرفونه، يظهر فيهم بدائع الإيجاد، وأسرار الاختراع، ونظام المملكة.
ولولا الخلق لم يظهر شيء من ذلك، فإذا كان الإيجاد من صفات الكمال، وصفة الكمال فيه عائدة إلى الله -تعالى -، وهذا المذكور حكمة عظيمة، ولا يمكن أن يقال: فإن عنى بالمنفعة ما يرجع إلى صفات الكمال، فلا نسلم امتناع عودها على الله -تعالى -فإن كماله -تعالى -خاص به، تقدست أسماؤه، وصفاته عن المشابهة.