أنه عندنا تعلق كلامه النفسي بذلك، والتعلق عدمي، فالحاكم الشرعي عدمي، لأن الكلام من حيث هو كلام ليس بحكم، بل قد يكون حبرا أو حكما، فلا يتعين الحكم حتى يوجد بغير تعلق مخصوص، والتعلقات عدميات لرجوعها إلى النسبة بين المتعلقات والمتعلقات، والنسب عدمية، والعدمي يجوز أن يؤثر فيه العدمي، كما أن عدم العلة علة لعدم المعلول، وعدم اسبب سبب لعدم السبب، فهذا فرق عظيم بين هذا، وبين إسناد العالم لمؤثر عدمي.
وفرق آخر، وهو أن هذه الأوصاف عندهم توجب عقلا أن الله - تعالى - يربط بها الأحكام، لا أنها هي الرابطة للأحكام بأنفسها، فهذا فرق آخر وبينه سراج الدين على معنى آخر، فقال: هو قد فسر القبح بمعنى عدمي بقوله: ليس لفاعله أن يفعله، فيصح تعليله بالعدم، ويرد على قوله عند حصول العدم: تصير العلة مؤثرة في معلولها، فاستلزام العلة أمر حدث مع حدوث هذا العدم، فيكون العدم علة هذا الاستلزام.
قلنا: لا نسلم، بل لم لا يجوز أن يكون الاستلزام ناشئا عن ذات العلة، وحدوث هذا العدم شرط؟
((تنبيه))
اللازم عن جوابه عن الحجة الأولى: أن الخصم شرع يثبت مذهبه بهذه الحجة، فبين الإمام أنها لا تثبته، بل إما أن تبطله، أو تبطل هي في نفسها، وعلى التقديرين لا يثبت مذهبهم، لأن الترجيح من غير مرجح إن لم يكن محالا بطلت الحجة في نفسها، لأن من ألزم خصمه لازما ليس بمحال لم يلزمه شيئا، وإن كان الترجيح من غير مرجح حالا لزم الجبر، فيبطل مذهبهم، فظهر لزوم أحد الأمرين، وعدم إنتاجها لمذهبهم.