وثانيها: أن قوله تعالى:} كنتم خير أمةٍ {[آل عمران:١١٠] خطاب مشافهة؛ فلا يتناول إلا أهل العصر الأول.
ثم قوله:} تأمرون بالمعروف {[آل عمران:١١٠] يقتضي كونهم آمرين بكل معروفٍ، فكل ما لم يأمروا به، ولم يذكروه، وجب ألا يكون معروفًا؛ فكان منكرًا.
وثالثها: أن الدليل الثاني، والتأويل الثاني لو كان صحيحًا لما جاز ذهول الصحابة مع تقدمهم في العلم - عنه.
والجواب عن الأول: أن قوله:} ويتبع غير سبيل المؤمنين {[النساء:١١٥] خرج مخرج الذم، فيختص بمن اتبع ما نفاه المؤمنون؛ لأن ما لم يتكلم فيه المؤمنون بنفيٍ، ولا بإثباتٍ، لا يقال فيه: إنه إتباع لغير سبيل المؤمنين.
وأيضًا: فالحكم بفساد ذلك الدليل ما كان سبيلا للمؤمنين؛ فوجب كونه باطلا.
وعن الثاني: أن قوله:} وتنهون عن المنكر {[آل عمران: ١١٠] يقتضي نهيهم عن كل المنكرات، فكل ما لم ينهوا عنه، وجب ألا يكون منكرًا؛ لكنهم ما نهوا عن هذا الدليل الجديد؛ فوجب ألا يكون منكرًا.
وعن الثالث: أنه لا استبعاد في أنهم اكتفوا بالدليل الواحد، والتأويل الواحد، وتركوا طلب الزيادة، والله أعلم.
المسألة الثالثة
(إذا ذكر أهل العصر تأويلا)
قال القرافي: قوله: (قد دللنا على أنه لا يجوز استعمال المشترك في معنييه):