والثالث: باطل؛ لأن هذه المسألة لا تتصور إلا إذا اقتضى القياس حكمًا، ثم أجمعوا على خلاف حكم ذلك القياس؛ فحينئذ يزول حكم ذلك القياس بعد ثبوته؛ لتراخي الإجماع عنه، وهذا محال؛ لأن شرط صحة القياس عدم الإجماع، فإذا وجد الإجماع، فقد زال شرط صحة القياس، وزوال الحكم، لزوال شرطه لا يكون نسخًا.
المسألة الرابعة
في كون الإجماع ناسخًا
قال القرافي: قال سيف الدين: كون الإجماع ينسخ الحكم الثابت به، نفاه الأكثرون، وجوزه الأقلون.
وكون الإجماع ناسخًا منعه الجمهور، وجوزه بعض المعتزلة، وعيسى بن أبان.
قوله:"لا ينعقد الإجماع بدون رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه سيد المؤمنين".
قلنا: شهدت الاحاديث بالعصمة لأمته عليه السلام من حيث هي أمته كقوله عليه السلام: (لا تجتمع أمتي على خطأ) ونحو ذلك، فتكون الأمة معصومة، وهو عليه السلام ليس من جملة أمته، فيتصور انعقاد الإجماع في زمانه عليه السلام؛ لأن حقيقة المضاف خارجة عن حقيقة المضاف إليه؛ ولأن الإجماع في جميع الأعصار بعده ينعقد، وليس من جملتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكذلك في زمانه عليه السلام.
ثم إنه نقض هذه القاعدة في المسألة التي بعدها، فقال:"القياس يُنسخ في زمانه عليه السلام بالإجماع"، وهذا تصريح بصحة انعقاد الإجماع