في أن الحصر هل هو ثابت في هذه الثلاثة أم لا؟ فأقول:
الدليل على الحصر: أن المدلول إما ما وضع له اللفظ أو لا.
والأول: دلالة المطابقة.
والثاني: إما أن يكون المدلول داخلا فيما وضع له اللفظ أو لا، فالأول دلالة التضمن.
[والثالث] الالتزام، فثبت بهذا التقسيم الدائر بين النفي والإثبات الحصر في الثلاث.
فإن قيل: هذا الحصر باطل بأمور سبعة:
الأول: أن اللفظ الواقع في البراهين نحو قولنا: العالم متغير، وكل متغير حادث، فالعالم حادث، فهذه العبارات في هذه المقدمات دالة على حدوث العالم، ودلالتها لا يمكن أن يقال: إنها مطابقة، فإن الدليل فيها إنما نشأ عن مجموع هذه الألفاظ لا عن بعضها، والمجموع لم يوضع لحدوث العالم حتى يدل عليه مطابقة ولا تضمنا، لأن التضمن: هو دلالة اللفظ على جزء مسماه، ومجموع هذه الألفاظ ليس له مسمى حتى يكون حدوث العالم جزءه ولا أكثر، أما أنه ليس [لها] مسمى؛ [لأن حدوث] العالم لزمه، فإن جزء المسمى ولازم المسمى فرع المسمى، فحيث لا مسمى ينتفيان، فهذه دلالة واقعة فيبطل الحصر في الثلاث.