السجية إليها كنسبه الصقال في المرآة إليها، فكما أن الصقال طبيعة الحديد لا ينشأ غن غير الحديد، كذلك السجايا البشرية لا تنشأ عن غي البشرية، فتكون عقول البشر وأبنية الملائكة مختلفة، وقبول العلم لازما عاما لحقائق مختلفي من المخلوقات والخالف -سبحانه وتعالى-، وحينئذ كان الواجب أن يأخذ مطلق الكشف الذي يعم القديم والحادث، حتى يكون حده للعلم جامعا، ويضع للظن والجهل ولاشك ونحوها بحثا آخر.
الثالث: قوله: ((بأمر على أمر)) مع أن الصحيح أن لفظ الأمر حقيقة في اللفظ الدال على الوجوب، وهو غير مراد هاهنا، بل المراد هاهنا حكم الذهن بأحد النقيضين على الآخر، فإن الأحكام وإن كثرت، وتنوعت كانت قديمة أو حادثة فإنها لاتخرج عن النقيضين بالضرورة، فإن الحكم إما بسلب الشئ أو بثبوته، والمحكوم عليه إما وجود، أو عدم.
فلا حكم إلا بأحد النقيضين، ولا حكم إلا على أحد النقيضين، وما قال أحد: إن لفظ الأمر موضوع للنقيضين معا بل قال بعضهم: للقول خاصة، وقال آخرون: للقول والفعل.
وقال أبو الحسين: للفعل، والشيء، والصفة، فإن فرَّعنا على مذاهب الاشتراك، فاللفظ المشترك لا يقع في الحدود لإجماله، والحدود مرادة للبيان، وإنْ فرعنا على عدم الاشتراك فما علمت أحدا قال: إنها موضوعة لمطلق العلوم الذي يعم النقيضين من غير اشتراك، فحيئذ حقيقة هذا اللفظ غير مرادة، ومرات المجاز غير متعينة، فيكون تعريفا بالمجهول، فلا يصح فكان الواجب على هذا أن يقول: حكم الذهن بمعلوم على معلوم ليعم النقيضين، ويكون اللفظ حقيقة من غير اشتراك ولا مجاز.
الرابع: على قوله: ((فإن كان جازما)) بدأ بالقسم الكثير الأقسام، وقاعدة هذا الباب: البداية بالقليل الأقسام ليتفرغ العقل للكثير الأقسام، فكان