الصلاة المعينة، فإذا كان هذا الشغل منهيا عنه، وهذا الشغل جزء ماهية هذه الصلاة، كان جزء هذه الصلاة منهيا عنه، وإذا كان جزاؤها منهيا عنه، استحال كون هذه الصلاة مأمورا بها، بل الصلاة مامور بها، لكن النزاع ليس في الصلاة، من حيث إنها صلاة؛ بل في هذه الصلاة، وأما المثال الذي ذكروه، وهو: أن يقول السيد لعبده: " خط هذ االثوب، ولا تدخل هذه الدار " فهو بعيد؛ لأن هاهنا الفعل الذي هو متعلق الأمر، غير الفعل الذي هو متعلق النهي، وليس بينهما ملازمة؛ فلا جرم صح الأمر بأحدهما، والنهي عن الآخر.
إنما النزاع في صحة تعلق الأمر والنهي بالشيء الواحد؛ فأين أحدهما من الآخر؟
وأما المعارضة التي ذكروها، فمدار أمرها على أن قوله تعالى:{أقيموا الصلاة}[البقرة: ٤٣] يفيد الأمر بكل صلاة، فهذا مع ما فيه من المقدمات الكثيرة، لو سلمناه، لكن تخصيص العموم بدليل العقل غ مستبعد، وما ذكرناه من الدليل عقلي قاطع؛ فوجب تخصيصه به، والله أعلم.
(تنبيه)
الصلاة في الدار المغصوبة، وإن لم تكن مأمورا بها إلا أن الفرض يسقط عندها لا بها؛ لأنا بينا بالدليل امتناع ورود الأمر بها.
والسلف أجمعوا على أن الظلمة لا يؤمرون بقضاء الصلوات المؤداة في الدور المغصوبة، ولا طريق إلى التوفيق بينهما إا ما ذكرنا، وهو مذهب القاضي أبي بكر رحمه الله، والله أعلم.