للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيدا)، فزيد ليس عبارة عن جملة البنية المشاهدة؛ لأنا نعلم أن زيدا هو الذي كان موجودا وقت ولادته، ونعلم أن أجزاءه وقت شبابه أكثر مما كانت وقت ولادته، ولا شك أن زيدا هو تلك الأجزاء الباقية من أول حدوثه إلى آخر فنائه، وتلك الأجزاء قليلة؛ فإذن المسمى بزيد هو تلك الأجزاء.

فإذا قلت: (ضربت زيدا) فلعل هذا الإمساس ما وقع على تلك الأجزاء؛ فيكون الكلام أيضا مجازا؛ من هذا الوجه.

ثم هاهنا دقيقة، وهي أن هذه المجازات من باب المجاز العقلي؛ لأنك إذا قلت: (رأيت زيدا، وضربت عمرا) فصيغتا (رأيت) و (ضربت) مستعملتان في موضوعيهما الأصليين؛ فلا يكون مجازا، وأما لفظة (زيد) فهي من الأعلام؛ فلا تكون مجازا؛ فلم يبق إلا أن المجاز واقع في النسبة فيكون مجازا عقليا، والله أعلم.

[المسألة العاشرة: في أن المجاز على خلاف الأصل، والذي يدل عليه وجوه]

أحدها: أن اللفظ، إذا تجرد: فإما أن يحمل على حقيقته أو على مجازه، أو عليهما، أو لا على واحد منهما؛ والثلاثة الأخيرة باطلة، فتعين الأول.

وإنما قلنا: إنه لا يجوز حمله على مجازه؛ لأن شرط الحمل على المجاز حصول القرينة؛ فإن الواضع، لو أمر بحمل اللفظ عند تجرده على ذلك المعنى، لكان حقيقة فيه؛ إذ لا معنى للحقيقة إلا ذلك.

وأما أنه لا يجوز حمله عليهما معا، فظاهر؛ لأن الواضع لو قال: (احملوه وحده عليهما معا) كان اللفظ حقيقة في ذلك المجموع، ولو قال: (احملوه إما على هذا، أو على ذاك) كان مشتركا بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>