أما الآية: فقوله تعالى: (فإذا طعمتم انتشروا)[الأحزاب:٥٣](وإذا حللتم فاصطادوا)[المائدة:٢](فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله)[البقرة:٢٢٢].
وهذا النوع من الأمر في كتاب الله ما جاء إلا للإباحة، فوجب كونه حقيقة فيها.
وأما العرف: فهو: أن السيد، إذا منع عبده من فعل شيء، ثم قال له:(افعله) فهم من الإباحة.
والجواب عن الأول: أنه يشكل بقوله تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين)[التوبة:٥] فهذا يدل على الوجوب، إذ الجهاد فرض على الكفاية وقوله تعالى:(ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله)[آلبقرة:١٩٦] وحلق الرأس نسك، وليس بمباح محض.
وعن الثاني: أن العرف متعارض، لأن من قال لابنه وهو في الحبس:(اخرج إلى المكتب) فهو أمر بعد الحظر، وقد يفيد الوجوب، والله أعلم
(تنبيه)
القائلون بأن الأمر بعد الحظر للإباحة: اختلفوا في النهي الوارد عقيب الوجوب:
فمنهم من طرد القياس، فقال: إنه للإباحة.
ومنهم من قال: لا تأثير هاهنا للوجوب المقدم، بل النهي يفيد التحريم.