للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتوقف عليه إيقاع الملكف به على الوجه المعتبر، بعد تقرر التكليف يفرق بين قول السيد لعبده: إن نصبت السلم فاصعد السطح، وبين قوله: اصعد السطح، ولم يذكر شيئا آخر، فيجب عليه النصب في الثاني دون الأول.

وقوله: لله تعالى في كل واقعة أو في أكثرها حكم معين حسن الترديد، باق لا ختلاف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: لا تخلو واقعة من حكمن، ومنهم من قال: تخلوا، ومثلوا ذلك بالمتوسط مزرعة لغيره إن قعد فيها أفسد أو خرج منها أفسد، فهل يرتفع الحكم الشرعي عنه لتعذره؟ إذ يقال: حرم الله تعالى البقاء ترجيحا بالاستصحب، حكاه الغزالي في "المستصفى"، وكذلك إذا سقط في بشر على صبية، إن بقى قتل بعضهم، وإن انتقل قبل بعضهم، ومن هذه النظائر، فهذا سبب ترديده بصيغة "أو".

((سؤال))

قال النَّقْشّوَانِيُّ: لايصح قوله: إن الفعل لا يدرك إلا بالقول؛ فإن الأفعال قد تستقل بالدلالة إما في حق الله تعالى كما يدل فعله على صفات التأثير، وإبقائه على العلم، وإما في حق رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ، فلأنه عليه السلام، إذا قام وترك التشهد دل على عدم وجوبه، وإن مسح بعض راسه دل على عدم وجوب جميعه، وإن صلى الوتر على الراحلة دل على عدم وجوبه، ونظائره كثيرة.

جوابه: أما في حق الله تعالى فلا يرد؛ لأنه لم تبق داللاة الفعل مطلقا، بل باعتبار الأحكام الشرعية، وأما في حق رسوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ فلأن الدلالة في تلك الصور لم تكن من الفعل، بل من الترك؛ لأن الترك يدل على عدم وجوب المتروك، فما استدللنا إلا بعدم الرجوع إلى التشهد، وعدم الاستيعاب في الرأس، وعدم التوجه إلى الكعبة والنزول إلى الأرض.

فإن قلت: الترك كما يدل على عدم الوجوب، فالفعل يدل على عدم التحريم، فكلاهما دال، فلا نخلص عن السؤال.

<<  <  ج: ص:  >  >>