فإن قلت:(لو عرفه بالفسق، ثم روى عنه، كان غاشًا في الدين):
قلت: إنه لم يوجب على غيره العمل به، بل قال:(سمعت فلانًا يقول كذا) وصدق فيه، ثم لعله لم يعرفه بالفسق، ولا بالعدالة؛ فروى، ووكل البحث إلى من أراد القبول.
والرابعة: العمل بالخبر: إن أمكن حمله على الاحتياط، أو على العمل بدليل آخر، وافق الخبر- فليس بتعديل، وإن عرف يقينًا: أنه عمل بالخبر- فهو تعديل؛ إذ لو عمل بخبر غير العدل، لفسق.
المسألة الخامسة: ترك الحكم بشهادته لا يكون جرحًا في روايته؛ وذلك لأن الرواية والشهادة مشتركان في هذه الشرائط الأربعة، أعني: العقل، والتكليف، والإسلام، والعدالة، واختصت الشهادة بأمور ستة؛ هي غير معتبرة في الرواية وهي: عدم القرابة، والحرية، والذكورة، والبصر، والعدد، والعداوة، والصداقة.
فهذه الستة تؤثر في الشهادة، لا في الرواية؛ لأن الولد له أن يروي عن والده بالإجماع، والعبد له أن يروي أيضًا، والضرير له أن يروي أيضًا، ذلك لأن الصحابة رووا عن زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع أنهم في حقهن كالضرير.
(لنوع الثاني
في العدالة)
قال القرافي: قوله: (شرط بعضهم العدد في المزكي والجارح في الرواية، والشهادة).
قلت: هذا الكلام فرع تصور حقيقة الشهادة والرواية؛ فإن الحكم على