قال الرازي:(فيما جعل شرطًا في الراوي، مع أنه غير معتبر):
والضابط في هذا الباب: كل خصلة لا تقدح في غالب الظن بصحة الرواية، ولم يعتبر الشرع تحقيقها تعبدًا؛ فإنها لا تمنع من قبول الخبر، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: رواية العدل الواحد مقبولة؛ خلافًا للجبائي؛ فإنه قال:(رواية العدلين مقبولة، وأما خبر العدل الواحد، فلا يكون مقبولًا إلا إذا عضده ظاهر، أو عمل بعض الصحابة، أو اجتهاد، أو يكون منتشرًا فيهم) وحكى عنه القاضي عبد الجبار: أنه لم يقبل في الزنا إلا خبر أربعة؛ كالشهادة عليه.
لنا وجهان:
الأول: إجماع الصحابة: عمل أبو بكر على خبر بلال، وعمل عمر على خبر حمل بن مالك، وعلى خبر عبد الرحمن في المجوس، وعمل على خبر المقداد، وعملت الصحابة على خبر أبي سعيد في الربان وعملت على خبر رافع بن خديج في المخابرة، وعلى خبر عائشة في التقاء الختانين، وكان على يقبل خبر أبي بكر- رضي الله عنهم أجمعين-.
فإن قلت:(لعلهم قبلوا ما قبلوه؛ لأن الاجتهاد عضده):
قلت: إنهم كانوا يتركون اجتهادهم بهذه الأخبار، وكانوا لا يرون بالمخابرة بأسًا؛ حتى روى لهم رافع بن خديج نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها.