وقد تقدم في خطاب الوضع الفروق الكائنة بين هذه الحقائق، والبحث فيها هنالك مستوفى، فالشرط مناسبته في غيره، وجزء الماهية مناسبته في نفسه، ومجموع العلة أقوى مناسبة من جزئها، كما أن ملك جميع النصاب أقوى مناسبة لإيجاب الزكاة من مناسبة دفع النصاب للزكاة.
"تنبيه"
زاد سراج الدين فقال على قوله:"إن العدم ليس علة ثبوتية دفعا للتسلسل": لقائل أن يقول: في هذين الجوابين نظر نبهنا عليه فيما تقدم.
قلت: يشير إلى ما ورد على هذين مما تقدم من الأسئلة.
وقال التبريزي: التركيب جائز في العلل؛ لأن الحكمة الداعية إلى الحكم يجوز ألا يتضمنا وصف واحد، بل أوصاف كالقتل العمد العدوان، وملك المسلم نصابا ناميا حولا كاملا، بل هو الأكثر في أساليب التعليل.
وأجاب عن لزوم النقض على العلة العقلية بأن العدم ليس علة- كما قال المصنف.
ثم قال: لو قدرنا جواز التعليل به، فعلة عدم العلية عدم الماهية، وعدم الماهية لازم عدم جزء الماهية.
فإن عللتم به فقد التزمتم الإشكال، وإلا فقد اندفع الإشكال.
يريد انه وجد عدم بعد عدم، فما يجعلونه جوابا، هو جوابنا هاهنا.
قال: وقد طلب المصنف الخلاص من هذا الإشكال بالالتجاء إلى منع كون العلية صفة ثبوتية؛ لئلا تؤدى إلى التسلسل، وهو هرب إلى غير ملجأ.