عرض لك " والمسموع: ما عدا ذلك، وهو هذه الكلمات المحفوظة عن اللغويين؛ تحفظ ولا يقاس عليها، إلا ما أشاروا إليه من نحو شيء، وموجود، ونحو ذلك من الأجناس العامة، وبعرض عن كل ما هو أخص منها، فتكون الدعوى على هذه الصورة لا تعم، وتطلق في موضوع التفصيل؛ لا سيما مع هذا التخصيص العظيم الذي لا يليق مثله بكلام الفضلاء المحققين، لاسيما في تمهيد القواعد الكلية.
(تنبيه)
مقتضى ما قاله الزمخشري والروياني وغيرهما أن لفظة (من) تكون من صيغ العموم، وأن العرب وضعته لإفادة العموم، كما وضعت لفظة (من) بفتح الميم، وأن (من) الشرطية تساوي (من) التي هي حرف جر - في إفادة العموم، مع أن أحدهم لم يعدها من صيغ العموم.
وأما أنا، فأضطر؛ لأجل هذه النقول أن أعدها منها؛ وكيف لا تعد منها، والنصوص متضافرة على أنها تفيد العموم وضعا في النكرات الخاصة التي تقدم ذكرها، ولا نعني بكونها للعموم لغة إلا ذلك، فتأمله؛ فإنه لا محاص منه، مع أن إمام الحرمين قال في (البرهان): إن سيبويه قال: " إذا قلت: " ما جاءني من رجل " فهي مؤكدة العموم، وإذا قلت:" ما جاءني رجل " فاللفظ عام " وهذا خلاف نقل الجماعة، وكشفت عن ذلك في (سيبويه) وسألت من هو عارف بالكتاب معرفة جيدة؛ فقال: لا أعلم سيبويه قال هذا، ولا أعلم إلا ما قاله الجرجاني وغيره: أنها ليست للعموم " وأنا أيضا ما وجدته في (سيبويه).