فهذا تلخيص محل النزاع، والنزاع حينئذ إنما هو، هل ورد في الشرائع ما يقتضي ذلك الامتناع عليهم أم لا؟ والاستقراء تحقيق ذلك.
قوله:(ومنهم من جوز عليهم المخالفة في التبليغ، والفتوى على سبيل السهو):
قلت: زاد القاضي عياض في النقل في هذا المذهب؛ أنهم ينبهون عليه إذا سهوا، وهذا الزائد في النقل لا ينبغي إهماله.
قوله:(من جوز عليهم الكبائر عمدًا، فمنهم من قال بوقوعها، وهم الحشوية، وقال القاضي أبو بكر: هذا وإن جاز عقلًا، لكن السمع منع من وقوعه):
قلت: هذا النقل غير متجه؛ فإن الجواز العقلي لم يقل أحد بعدمه، بل جميع العالم وكل فرد منه يجوز عليه ما جاز على الآخر، ويجوز عليه جميع النقائص عقلًا من المعاصي، فإذا قال القاضي بالجواز العقلي، والامتناع السمعي، فهو ليس من الفرقة المجوزين للكبائر عليهم؛ لأنه قد تقدم تحرير محل النزاع، فمتى صرح القاضي بالامتناع السمعي، فلا يعد مع هؤلاء، وعده من هؤلاء يشعر بأن الخلاف في الجواز العقلي، والامتناع العقلي، وليس كذلك، بل الامتناع من النقائص عقلًا خاص بالله- تعالى- كما تقدم.
قوله:(وقد سيقت هذه المسألة في علم الكلام من هذا الكتاب):
قلت: لم يتقدم في هذا الكتاب علم الكلام، ولا الكلام على هذه المسألة، فهذا- والله أعلم- سهو من القلم، أو توهم منه أنه فعل ذلك.
(فائدة)
قال القاضي عياض في (الشفاء): مراد العلماء بعصمة الأنبياء بعد النبوة، وأما قبلها فلا، وعليه تحمل النصوص الدالة على وقوع المخالفة منهم.