قال الرازي: التمسك بقوله، عز وجل:} وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا؛ لتكونوا شهداء على الناس {[البقرة:١٤٣] الله تعالى أخبر عن كون هذه الأمة وسطًا و (الوسط) من كل شيءٍ خياره، فيكون الله عز وجل قد أخبر عن خيرية هذه الأمة، فلو أقدموا على شيءٍ من المحظورات، لما اتصفوا بالخيرية، وإذا ثبت أنهم لا يقدمون على شيءٍ من المحظورات، وجب أن يكون قولهم حجةً.
فإن قيل: الآية متروكة الظاهر؛ لأن وصف الأمة بالعدالة يقتضي اتصاف كل واحد منهم بها، وخلاف ذلك معلوم بالضرورة؛ فلابد من حملها على البعض، ونحن نحملها على الأئمة المعصومين.
سلمنا: أنها ليست متروكة الظاهر؛ لكن لا نسلم أن (الوسط) من كل شيءٍ خياره؛ ويدل عليه وجهان:
الأول: أن عدالة الرجل عبارة عن أداء الواجبات، واجتناب المحرمات، وهذا من فعل الرجل، وقد أخبر الله - تعالى - أنه جعلهم وسطًا؛ فاقتضى ذلك أن كونهم وسطًا من فعله تعالى، وذلك يقتضي أن يكون ذلك غير عدالتهم التي ليست من فعل الله تعالى.
الثاني: أن (الوسط) اسم لما يكون متوسطًا بين شيئين، فجعله حقيقة في العدل يقتضي الاشتراك، وهو خلاف الأصل.