للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفاد علما أو ظنا، فإن أراد بقوله: أعلم، وضع العلامة، كان هذا كافيا عن قوله: أو دل لشموله، وإن أراد الإخبار فلا يعم؛ لأن الإباحة قد تستفاد من فعله عليه السلام، أوتقريره من غير إخبار، لكن كان يمكنه أن يأتي بعبارة تنوب منابها كلفظ الطريق الشامل لقيد العلم، والظن ونحو ذلك، وإن أراد تحصيل العلم لم يشمل المباح؛ لأنه قد يكون مظنونا، فإن أراد بقوله: ((دل)) مطلق ما يفيد، سواء كان يفيد علما أو ظنا على مقتضى اللغة صح، غير انه تطويل لعدوله عن العبارة المفردة نحو بين لفاعله، وأرشد إلى غير ذلك من العبارات المقررة الشاملة.

وقوله: ((في الآخرة)) متعلق بعدم الضرر والنفع معا، لأن المباح قد يكون فيه نفع وضرر في الدنيا، وأكثر المباحات كذلك من المأكول، والمشروب، والملبوس، وغيرها، لابد من التعب في كسبها، وتحصيلها، وتناولها، والانتفاع بملابستها في الأجسام في عاجل في الدنيا، أما الآخرة فلا أثر لجيمع ذلك فيها إلا أن يكون وسيلة لمأمور، كمن ينام نهارا ليتهجد بالليل، ونحوه، ولذلك كان ينبغي أن يزيد في الحد من حيث هو مباح ليخرج عنه فاعل المباح الذي يترك به واجبا، أو يستعين به على واجب، فإن الأول يتضرر في الآخرة، والثاني ينتفع في الآخرة، لكن لأجل ما أدَّى إليه المباح لا للمباح، وصدق أن فاعل المباح انتفع وتضرر.

((فائدة))

تقول العرب: حلال طِلق بكسر الطاء، ووجه طَلْقٌ بفتحها.

وقوله: وقد يوصف الفعل بأن الإقدام عليه مباح، وإن كان تركه محظورا، كوصف ذم المرتد بأنه مباح، هذا التفسير هو اصطلاح المتقدمين، وتفسر المباح بمستوى الطرفين هو اصطلاح المتأخرين، وقد تقدم بسطه عند تقسيم الأحكام إلى خمسة، والاستشهاد بالحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>