فإن قلت: فهل يكفي في القدح في مثل هذا التعليل خطور وصف آخر بالبال؟
قلنا: لا؛ لأن ذلك الوصف الآخر: إما أن يكون متعديا إلى الفرع، أو لا يكون: فإن كان متعديا إلى الفرع، فلم يضرنا؛ لأن غرضنا من العلة المعرف، وقيام معرف آخر لهذا الحكم لا يمنع من كون ما ذكرته معرفا له، وإن لم يكن متعديا إلى الفرع كان التعليل بالوصف الذي ذكرته أولى؛ لأنا أمرنا بالقياس في قوله تعالى:{فاعبتروا}[الحشر: ٢] والأمر بالقياس أمر بما هو من ضروراته، ومن ضرورات القياس تعليل حكم الأصل بعلة متعدية؛ فكان التعليل بما ذكرناه أولى من التعليل بما ذكره الخصم، اللهم إلا أن يذكر الخصم وصفا آخر، ويعديه إلى فرع غير الفرع الذي وقع الخلاف فيه؛ فهناك يجب على المعلل الاشتغال بالترجيح.
وعن الثاني: أنا بينا أن مجرد المقارنة دليل العلية ظاهرا؛ فلم يكن القول به مجرد التشهي.
الفصل الثامن
في الطرد
قال القرافي: قلت: تقدم الفرق بين الطرد والطردي:
أن الطرد ثبوت الحكم في جميع صور العلة.
والطردي عدم المناسبة.
والطرد والاطراد بمعنى واحد.
قال الغزالي: الطرد سلامة العلة عن النقض، وهو أعم أوصاف العلة