وقد ذكرنا في كتاب القياس: أن الطرق الدالة على علية الوصف في الأصل: إما الدليل النقلي، أو العقلي: أما الدليل النقلي: فإما أن يكون نصا أو إيماء:
أما النص: فقد يكون بحيث لا يحتمل غير العلية، وهو ألفاظ ثلاثة، وهي قوله: (لعلة كذا"، أو لسبب كذا، أو لأجل كذا" فهذا مقدم على جميع الطرق النقلية، وأما الذي يحتمل غير العلية، ولكنه ظاهر جدا فألفاظ ثلاثة، وهي: اللام، وإن، والباء" وحرف اللام مقدم على (إن والباء"؛ لأن (اللام" ظاهر جدًا في التعليل، وأما لفظ (إن" فقد يكون للتأكيد، ولفظ (الباء" قد يكون للإلصاق؛ كقولك: (كتبت بالقلم"، وقد يفيد كونه محكومًا به؛ كقوله - عليه الصلاة والسلام -: (أنا أقضى بالظاهر".
أما حيث تأتي لا للألة، ولا لأن تكون محكومًا به - كان مرادفًا لـ"اللام" فإنه لا فرق بين أن يقال: (قتلته لجنايته" و (قتلته بجنايته".
وأما (الباء" و"إن" أيهما المقدم؟ ففيه احتمال.
وأما الإيماءات، ففيها أبحاث:
أحدها: أنا بينا أن دلالة الإيماء على علية الوصف في الأصل لا تتوقف على كونه مناسبًا، ولكن الوصف الذي يكون مناسبًا راجح على ما لا يكون كذلك.