قلنا: أما النسخ فمسلم، وأما مخالفة ظاهر الصيغة، وترك التكرار فأمكن القول به، وهو مذهب الخصم.
قوله:(افعله أبدا يلزم أن يكون تكرار، وافعله مرة واحدة نفض).
تقريره: أن صيغة الأمر تقتضي التكرار، وقوله:(أبدا) يقتضي التكرار فقد لزم التكرار بورود لفظين دالين على معنى واحد، وقوله:(مرة واحدة) نقض، لأن النقض وجود الدليل بدون المدلول، فيلزم وجود الدليل الذي هو صيغة الأمر، بدون مدلولها الذي هو التكرار، وهذا هو النقض.
(تنبيه)
ينبغي أن يعلم أن مقتضى ما قاله القائل بالتكرار ما وجد في الاستعمال لا لغة ولا عرفا ولا شرعا، فإنا لا نجد أمرا طلب على هذه الصورة في جميع الأزمنة الممكنة بحيث لا يفيد طول عمره فيما عدا أزمنة الضرورة، وإنما وجد ذلك في النواهي والتروك، فالزمر بحفظ السر، والوديعة، ونحو ذلك مما هو على الدوام، فهذا معناه أما أمر بفعل على الدوام فلم يوجد أصلا، فيلزم زن الأمر ما استعمل في صورة حقيقة ألبتة، فيلزم حينئذ أمران: كثرة المجاز بحيث يستوعب الحقيقة، وهو خلاف الأصل، وأن اللفظ صار منقعولا عن الوضع اللغوي بسبب كثرة الاستعمال في غير التكرار، وكثرة الاستعمال عن الوضع اللغوي بسبب كثرة الاستعمال في غير التكرار، وكثرة الاستعمال في غير الحقيقة بوجب النقل، والنقل أعظم مفسدة من المجاز، فيلزم القائل بالتكرار هذان الأمران، فيكون ذلك من أحسن الحجج عليه.
قوله:(احتج الصديق بقوله تعالى: (وآتوا الزكاة)[البقرة:١١٠] على التكرار.