قلنا: هاهنا مع صيغة الأمر غيرها، وهو أن القاعدة تتكرر الحكم بتكرار سببه، وسبب وجوب الزكاة نعمة الملك، فلما تكررت وجوب الزكاة، وهذا مقتضى للتكرار غير الأمر.
قوله:(الأمر طلب الفعل، والنهي طلب الترك، والنهي الذي هو أحد الطلبين يقتضي التكرار، فكذلك الآخر).
قلنا: هذا إثبات للغة بالقياس، وهو ممنوع.
قوله:(لو لم يكن للتكرار لكان النسخ بداء، والاستثناء نقضا).
تقريره: أنه إذ أمر بالمرة الواحدة، ثم نسخها بكونه قد بدا له في طلب ذلك الفعل، وذلك على الله تعالى محال، لأنه بكل شيء عليم، وإنما يتأتى ذلك ممن لا يعلم المصالح، فتظهر له بعد خائها، فتبدو له وسيأتي الجواب عنه، وإن ذلك كله معلوم لله تعالى في الأزل أنه يأمر بالمرة لامتحان العبد، ثم ينسخه عنه لحصول المقصود من الامتحان، وكان تعالى يعلم الأمر والإعراض عنه، والإقبال عليه لا تون الحجة القائمة للرب، ولا سبب لاستحقاق الثواب والعقاب حصل من العبد، وقد رتب الله تعالى ملكه على أن الثواب إنما يكون لما صدر من العبد وكسبه، وكذلك العقاب، وأما الاستثناء فلا يلزم منه النقض على الأمر إنما أراد المصنف الاستثناء نفسه، فإنه وضع لإخراج بعض من كل، والمرة الواحدة إذا استثنت لم يخرج بعضا من كل، بل الجميع، فلم يوجد مفهوم إخراج البعض من الكل، فقد وجد الدليل الذي هو صيغتة الاستثناء بدون مدلوله الذي هو اخراج بعض من كل، وهذا هو النقض، ويمكن أن يكون نقضا على صيغة الأمر، فإنها وجدت بدون الطلب، فإن طلب مرة وأبطلها، فلم يوجد مدلول الصيغة، غير أن هذا الازم على التكرار، فإن ورود الاستثناء عليه