وقد جاء في القرآن والأخبار من الأقسام الثلاثة شيء كثير، والأصوليون لم يتنبهوا للفرق بين هذه الأقسام، وإنما لخصه الشيخ عبد القاهر النحوى.
[المسألة الثانية: في إثبات المجاز المفرد]
الدليل عليه: أنهم يستعملون (الأسد) في الشجاع، و (الحمار) في البليد؛ مع اعترافهم بان الأسد والحمار غير موضوعين في أول الأمر لهذين المعنيين، بل أنهما أطلقا عليهما؛ لما مفهوميهما، وبين هذين الأمرين من المشابهة، ولا معنى للمجاز إلا ذلك.
واحتج المانعون منه: بان اللفظ لو أفاد المعنى على سبيل المجاز، فإما أن يفيده مع القرينة، أو بدون القرينة.
الأول باطل؛ لأنه مع القرينة المخصوصة لا يحتمل غير ذلك، فيكون هو مع تلك القرينة حقيقة فيه لا مجازا، وبدون تلك القرينة غير مفيد له أصلا، فلا يكون حقيقة ولا مجازا.
فظهر أن اللفظ على هذا التقدير لا يكون مجازا لا حال القرينة، ولا حال عدم القرينة.
والثاني أيضا باطل: لأن اللفظ لو أفاد معناه المجازى بدون قرينة، لكان حقيقة فيه؛ لأنه لا معنى للحقيقة إلا ما يكون مستقلا بالإفادة بدون القرينة.
الجواب: أن هذا نزاع في العبارة؛ ولنا أن نقول: اللفظ الذي لا يفيد إلا مع القرينة هو المجاز، ولا يقال: اللفظ مع حقيقة فيه؛ لأن دلالة القرينة ليست دلالة وضعية، حتى يجعل المجموع لفظا واحدا دالا على المسمى.