زاد التبريزي فقال: الظاهر أنه يدل على الفساد بعرف شرعي؛ لأنه كان شأن الصحابة رضوان الله عليهم في مناظراتهم، فيدعي نفي الأمر ثم يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهي عن ذلك ويذكر الحديث؛ ولأن النهي لا بد له من فائدة وليست إلا الفساد؛ لأن طلب الامتناع أما المفسدة في الفعل، أو لعدم فائدة فيه، أو الفائدة في الامتناع، ودليل الحظر أنا لو فرضنا انتفاء الأقسام للزوم أن يكون الفعل مشتملا على المصلحة، خاليا عن المفسدة فيكون مطلوب لا منهيا عنه، وإذا ثبت الحظر لا يجوز أن يكون لعدم الفائدة؛ لانا فرضناه مفيدا لأحكامه ولا للمفسدة؛ لأنها تنشأ من نفس العبد، أو بواسطة ترتب الأحكام عليه، والأول باطل؛ لأن صيغ المعاملات لا مفسدة فيها، ولهذا لا يأثم بها في معظم الساعات، والثاني باطل لأن المفسدة لو نشات من الحكم لما ثبت الحكم نفيا لها؛ ولأن الحكم وضع شرعي والشرع لا يضع المفاسد، ولا يجوز حمله على فائدة الامتناع فإن الامتناع عما فيه فائدة وهي ترتب الحكم على رأي الخصم لا فائدة فيه.
فإن قيل: فائدته الابتلاء والامتحان.
قلنا: ذلك فائدة الامتناع لأجل النهي، ونحن نطلب فائدة في الامتناع عن الفعل، ليكون النهي حسنا معقولا؛ ولأن النهي ظاهر في التحريم، والاعتبار ينافي التحريم؛ لأنه تمكين للمكلف من تحصيل حكمة الاعتبار؛ بدليل جميع الأحكام المجمع على اعتبارها.